أعلنت المملكة الأردنية الهاشمية عزمها فرض حظر شامل على أنشطة جماعة الإخوان المسلمين. وكان القضاء الأردني قد بدأ منذ عام 2020 باتخاذ خطوات قانونية نحو حلّ التنظيم. واليوم تُكثّف الحكومة حملتها على الحركة الإسلامية التي حُظرت بالفعل في عدد من الدول العربية الأخرى، من بينها مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة.
في الشهر الماضي، أعلنت وزارة الداخلية الأردنية أنها ستُطبّق حظرًا واسعًا على جميع أنشطة الجماعة. وجاء هذا الإعلان بعد أيام فقط من إعلان الأجهزة الأمنية عن اعتقال 16 شخصًا يُشتبه في تورّطهم في مؤامرة واسعة النطاق تهدف إلى تهديد الأمن الوطني. وبحسب السلطات، فقد حصل المشتبه بهم على أسلحة ومتفجرات، وصنعوا طائرات مسيّرة، ودربوا مقاتلين داخل الأردن وخارجه.
وفي مؤتمر صحفي متلفز، ربط وزير الداخلية مازن الفراية المؤامرة مباشرة بجماعة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى “عناصر من الإخوان المسلمين” عملوا سرًّا “لزعزعة استقرار البلاد وتعريض الوحدة الوطنية للخطر”. وكشفت التحقيقات – بحسب ما أوردته التقارير – عن مخازن للأسلحة والمتفجرات، بالإضافة إلى ورشة لتجميع العبوات الناسفة. ويُقال إن هذه الورشة مرتبطة بنجل أحد القيادات البارزة في الجماعة. وفي الليلة التي كُشف فيها عن المؤامرة، يُزعم أن عناصر من الجماعة حاولوا تدمير أو تهريب كمية كبيرة من الوثائق المُدينة.
وقد واجهت جماعة الإخوان المسلمين ضغوطًا سياسية متزايدة في الأردن لسنوات. ففي عام 2016، أغلقت الحكومة مقر الجماعة الرئيسي في العاصمة عمّان. وفي عام 2020، ألغت السلطات القانونية تسجيل الجماعة، ما جعلها منظمة غير قانونية فعليًا.
ويتّهم منتقدو الجماعة بأنها تُمهّد فكريًا للتطرّف الديني والعنف السياسي. ويصفون بنيتها التنظيمية بالغموض، ويعتبرون أن هدفها النهائي هو إقامة دولة إسلامية. أما المؤيدون – ومن بينهم عدد من الأكاديميين الدوليين – فيرفضون هذه الاتهامات، ويرون أن الأنظمة السلطوية في الشرق الأوسط تنظر إلى الجماعة باعتبارها تهديدًا سياسيًا، وتسعى إلى قمعها لهذا السبب. ويؤكدون أن الجماعة حركة اجتماعية ذات جذور شعبية، تعتمد على الوسائل السلمية والآليات الديمقراطية للدفاع عن أجندتها داخل البرلمان.
ويمثّل قرار الأردن تصعيدًا جديدًا في تعامله مع واحدة من أقدم وأبرز الحركات الإسلامية في العالم العربي. وبينما صنّفت العديد من حكومات المنطقة الجماعة كمنظمة إرهابية، ظلّ الأردن – حتى وقت قريب – يتسامح مع وجودها باعتبارها طرفًا مثيرًا للجدل لكنه معترف به ضمن الساحة السياسية المحلية.
وقد أكدت وزارة الداخلية في عمّان أن الحظر يشمل جميع الأنشطة المرتبطة بجماعة الإخوان، سواء كانت مصنفة على أنها مدنية أو دينية أو سياسية. وتزامن هذا الإعلان مع اعتقال 16 شخصًا تتهمهم السلطات بالتخطيط لزعزعة استقرار البلاد، من خلال الحصول على أسلحة ومتفجرات، وإطلاق مشروع لإنتاج طائرات مسيّرة، وتجنيد وتدريب مقاتلين داخل وخارج الأردن.
وفي المؤتمر الصحفي، أشار الوزير الفراية إلى وجود صلات مزعومة بين الموقوفين والجماعة، قائلاً إن “عناصر من الإخوان المسلمين” عملوا “في الخفاء لتهديد استقرار البلاد والوحدة الوطنية”. وقد عثر المحقّقون على مخازن للأسلحة والمواد المتفجرة، بالإضافة إلى ورشة بدائية لصناعة العبوات الناسفة، والتي يُعتقد أنها كانت تدار من قِبل نجل أحد القياديين في الجماعة. كما حاولت الجماعة – بحسب ما ورد – تدمير أو تهريب مجموعة من الوثائق الحساسة ليلة تنفيذ الاعتقالات.
لطالما كانت الجماعة تحت ضغط متزايد في الأردن، وخصوصًا بعد إغلاق مقرها الرئيسي في عمّان عام 2016، ومن ثم صدور حكم قضائي عام 2020 أخرجها من الإطار القانوني. وقد لاحظ المراقبون في حينه أن العلاقة بين النظام الملكي الأردني والجماعة أصبحت أكثر توترًا، تسودها مشاعر من انعدام الثقة العميقة.
وتعود جذور جماعة الإخوان المسلمين إلى مصر في عشرينيات القرن الماضي، وقد سُمِح بوجودها – بل وشُجّعت أحيانًا – في الأردن لعقود من الزمن. وخصوصًا في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حيث كانت تُعتبر بمثابة توازن مقابل التيارات العلمانية واليسارية، واستفادت من سياسات الدولة التي هدفت إلى تعزيز القيم الإسلامية في الحياة العامة.