دعت حكومة الوحدة الوطنية الليبية إلى إجراء تحقيق شفاف في انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة، وذلك بعد ظهور مقاطع فيديو مسربة يُعتقد أنها توثق تعذيب محتجزين في أحد السجون بشرق ليبيا. وقد تم تداول هذه المقاطع على نطاق واسع من قبل نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين الليبيين، حيث تظهر السجناء، بعضهم يتحدث بلهجات غير ليبية، وهم يتعرضون للضرب المبرح أثناء تجريدهم من ملابسهم. ويُعتقد أن اللقطات تم تصويرها داخل سجن قرنادة في مدينة شحات، رغم أن تاريخ تسجيلها لا يزال غير معروف.
وفي بيان صادر عن وزارة العدل، أدانت حكومة الوحدة الوطنية “استمرار ممارسة التعذيب والاختفاء القسري” التي كشفت عنها التسريبات، ووصفتها بأنها جرائم ضد الإنسانية وانتهاك للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. وطالبت الوزارة بمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
أثارت هذه التسريبات مقارنات مع سجن صيدنايا سيئ السمعة في سوريا، مما أثار موجة من الغضب العام وتسليط الضوء مجددًا على أوضاع السجون في ليبيا. ورغم أن التركيز ينصب حاليًا على سجن قرنادة، فقد أُعيد إحياء المخاوف بشأن أوضاع سجون أخرى، بما في ذلك سجون معيتيقة والحدباء وصُرمان.
ويرى بعض المراقبين السياسيين أن رد فعل وزارة العدل قد يكون مدفوعًا بدوافع سياسية، مشيرين إلى أن أوضاع السجون في غرب ليبيا ليست أفضل حالًا. ويشير هؤلاء إلى أن التسريبات، رغم كونها قديمة، تسلط الضوء على قضية لا تزال تؤرق منظمات حقوق الإنسان.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت في وقت سابق مذكرات توقيف بحق ستة أشخاص ليبيين مرتبطين بجرائم جسيمة. وأوضح المدعي العام للمحكمة، كريم خان، أن ثلاثة من المشتبه بهم كانوا من كبار قادة ميليشيا الكانيات، التي حكمت مدينة ترهونة بقبضة حديدية لسنوات. وتُتهم الميليشيا بارتكاب فظائع واسعة النطاق، بما في ذلك القتل والتعذيب والعنف الجنسي وعمليات الإعدام الجماعي. ومن بين المطلوبين عبد الرحيم الكاني، الذي يُقال إنه بث الرعب في أوساط سكان ترهونة من خلال استعراض الحمير المربوطة في الشوارع.
وبعيدًا عن انتهاكات حقوق الإنسان، تعرضت قيادة المشير خليفة حفتر في شرق ليبيا لانتقادات بسبب تعامله مع كارثة الفيضانات التي ضربت البلاد عام 2023 جراء إعصار دانيال. ونشرت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية تقريرًا استقصائيًا حملت فيه حفتر مسؤولية الفشل في منع الكارثة التي أودت بحياة الآلاف. وأبرز التقرير صعود حفتر من ضابط عسكري إلى مقرب من الزعيم الليبي السابق، ثم محاولته الانقلاب عليه ونفيه قبل أن يعود ليقدم نفسه كمنقذ للأمة.
وبحسب تقرير “صنداي تايمز”، فإن الغضب الشعبي يتزايد ضد حفتر وأبنائه الذين يسيطرون على شرق ليبيا، حيث تسببت انهيارات سدين متهالكين في درنة في فيضانات كارثية. وأكدت فيرجينيا كولومبيير، الباحثة في جامعة لويس جويدو كارلي والمحررة لكتاب “العنف والتحول الاجتماعي في ليبيا”، أن الحكومة تصف الفيضانات بأنها كارثة طبيعية، لكن المواطنين يعرفون من المسؤول الحقيقي. وأشارت إلى أن “ميزانيات ضخمة خُصصت لأعمال الصيانة والترميم، لكن لم يتم تنفيذ أي شيء”.
مع استمرار ليبيا في مواجهة تداعيات الحرب الأهلية وتحديات الحكم، تظل قيادة حفتر محط جدل كبير، حيث يتساءل المنتقدون عن قدرته على تحقيق الاستقرار والمساءلة في المنطقة الشرقية.