في الشهر الماضي، استعرضنا تحليلاً للأزمة في العلاقات الفرنسية الجزائرية من المنظور الجزائري، ومن أجل الحصول على رؤية متوازنة، أجرينا مقابلة مع كزافييه دريونكور، الدبلوماسي الفرنسي وسفير فرنسا لدى الجزائر (2007–2012، 2017–2020). أجرى الحوار دينيس كوليسنيك، مستشار ومحلل فرنسي، ورئيس مركز أبحاث مينا.
الجزائر أعلنت مؤخرًا عن طرد 15 دبلوماسيًا فرنسيًا، وهو ما يشكل تصعيدًا جديدًا في الأزمة الدبلوماسية بين باريس والجزائر. هل يمكنك أن تشرح أسباب هذه الأزمة والديناميكيات التي أدت إلى هذا التصعيد؟
ننسى أحيانًا أن الأزمة الحالية بين فرنسا والجزائر تعود جذورها إلى قرار اتخذته فرنسا في 30 يوليو 2024، عندما وجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسالة إلى ملك المغرب محمد السادس، يعترف فيها رسميًا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. وقد استخدمت الرسالة لغة قوية بشكل خاص، إذ جاء فيها أن “فرنسا تعتبر أن الحاضر والمستقبل للصحراء الغربية يدخلان في إطار السيادة المغربية”. ولم يكن مفاجئًا أن تستفز هذه الرسالة ردّ فعل سلبيًا من الجزائر، ما مهّد الطريق لأزمة جديدة بين فرنسا والجزائر.

منذ يوليو 2024، استقرت أزمة جديدة، تميزت بتصعيد متواصل في التوترات. فالعلاقات بين فرنسا والجزائر، التي لطالما تميزت تاريخيًا بدورات من التحسّن والتدهور، وصلت اليوم إلى أدنى مستوياتها منذ استقلال الجزائر في 1962. كما ذكرتَ، رأينا طرد دبلوماسيين فرنسيين من الجزائر، وطرد دبلوماسيين جزائريين من فرنسا، وهو وضع غير مسبوق. السّابقة الوحيدة المشابهة تعود إلى عام 1983، عندما طردنا عملاء سوفيات في ما عُرف بـ”قضية الوداع”.
منذ يوليو الماضي، شهدنا تصعيدًا متواصلًا في التوترات بين فرنسا والجزائر، بلغ ذروته في انهيار تام للعلاقات. بعبارة أخرى، يبدو أن الجسور قد قُطعت.
وأخيرًا، يجدر التذكير بأن قرار الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية في 30 يوليو قد اتخذته حكومة فرنسية مستقيلة، كانت مكلفة بتصريف الأعمال، عقب استقالة غابرييل أتال بعد حل الجمعية الوطنية. وبالتالي، من الناحية القانونية، لم تكن مثل هذه الحكومة تملك السلطة لاتخاذ قرارات بهذا الحجم، والتي لا تدخل ضمن نطاق “تصريف الأعمال” كما هو متعارف عليه قانونيًا؛ مما يجعل هذا الاعتراف هشًا قانونيًا، حتى لو لم يكن كذلك سياسيًا، مع عواقب خطيرة على العلاقات مع الجزائر.
وباختصار، تبدو هذه الأزمة، من وجهة نظري الشخصية على الأقل، فشلًا ذريعًا للدبلوماسية الفرنسية.
برأيك، هل يمكن عكس هذا القرار، بالنظر إلى الهشاشة القانونية التي ذكرتها؟
أبدًا. الرئيس اليوم اختار المغرب، وهذا القرار لا رجعة فيه. لاحظ أيضًا أنه في البيان الصادر عن الجزائر خلال زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو في أوائل مايو، لم يتم ذكر الصحراء الغربية إطلاقًا. وهذا يعني أن الجزائريين طووا الصفحة.
وهذا يقودنا إلى السؤال الثاني. في مارس الماضي، جرت محاولة لنزع فتيل هذه الأزمة. أجرى الرئيسان ماكرون وتبون محادثات بهدف تهدئة التوتر. وعلى الرغم من الاتفاق على عدد من الإجراءات لتحسين الوضع، فإن هذه المبادرة لم تثمر. كيف تفسر فشل هذه المحاولة؟
كما أشرت، كان هناك اتصال هاتفي بين الرئيسين تبون وماكرون، ثم أُرسل الوزير بارو إلى الجزائر. وقبل ذلك، ألقى الرئيس الجزائري خطابًا بدا أنه يفتح الباب، قائلاً: “مخاطبي هو الرئيس ماكرون أو من يختاره”. وقد كان هذا الشخص هو الوزير بارو — وذلك منعًا لأن يمثّل السيد ريتايو فرنسا في الحوار مع الجزائر.
أُملت تسوية الأزمة وقت زيارة السيد بارو، ثم — فجأة — تدخلت قضية قضائية وقضت على الزخم، حيث تم توقيف مسؤول بالقنصلية الجزائرية في كريتاي بتهمة التورط في اختطاف المؤثر الجزائري “أمير دي زاد”. وبعد فترة قصيرة، تم الاشتباه أيضًا في تورط السكرتير الأول بالسفارة الجزائرية، فتغير مسار القضية تمامًا.
وهنا تصاعدت التوترات. وردت الجزائر بطرد 15 دبلوماسيًا فرنسيًا، وردّت باريس بطرد 15 دبلوماسيًا جزائريًا من قنصلياتها. ومؤخرًا، الأسبوع الماضي، رفضت الجزائر دخول 15 مسؤولًا فرنسيًا بجوازات سفر دبلوماسية كانوا في مهمة مؤقتة مدتها 90 يومًا. هذا الرفض يُعد خرقًا لاتفاق 2013 بشأن الجوازات الدبلوماسية.
وكيف كانت ردة فعلنا؟
ردّدنا قبل يومين من خلال قرار فرنسا بعدم الاعتراف بعد الآن بصلاحية اتفاق 2013 بشأن الجوازات الدبلوماسية. بما أن الجزائر منعت دخول حاملي الجوازات الدبلوماسية الفرنسية إلى أراضيها، فقد أصدرت الحكومة بيانًا أعلنت فيه أن الجزائريين حاملي الجوازات الدبلوماسية سيحتاجون إلى تأشيرة لدخول فرنسا من الآن فصاعدًا.
كنتَ سفيرًا لفرنسا في الجزائر مرتين، من 2008 إلى 2012، ثم من 2017 إلى 2020. ما أبرز التحديات التي أثّرت على العلاقات الثنائية خلال هذه الفترات؟ وما الصعوبات التي واجهتها شخصيًا كرئيس للبعثة في الجزائر؟
نعم، كنت سفيرًا لدى الجزائر في فترتين مختلفتين تمامًا. الأولى كانت في عهد بوتفليقة، الذي كان لا يزال يتمتع بكامل سلطته ووعيه. كانت العلاقة معقدة بطبيعتها — وهذا سمة العلاقات الفرنسية الجزائرية. التوترات كانت موجودة.
عندما وصلت إلى الجزائر في يوليو 2008، كان دبلوماسي جزائري قد أُوقف في فرنسا على يد قاضٍ تحقيق. ولم يكن مجرد دبلوماسي عادي: بل كان مدير مراسم الرئيس بوتفليقة وممثلًا لوزارة الخارجية. وقد تسببت هذه القضية بأزمة دبلوماسية كبرى، تُنسى اليوم بسهولة. لمدة عام أو عام ونصف، كانت العلاقات شديدة التوتر لدرجة أن الجزائر منعت أي وزير فرنسي من زيارتها.
وبعد جهود وساطة قادها رئيس الوزراء السابق جان-بيير رافاران، الذي أمضى ثمانية أشهر في محاولة إعادة الأمور إلى مسارها، تم تدريجيًا استئناف العلاقات. فجاء كلود غيان، الأمين العام لقصر الإليزيه، والمستشار الدبلوماسي للرئيس جان-دافيد ليفيت إلى الجزائر. وبنهاية ولايتي عام 2010، كانت العلاقات ممتازة. كانت فترة “كل شيء على ما يرام” — كنا نتبادل العناق تقريبًا.
أما فترتي الثانية فكانت مختلفة تمامًا. مرّت بثلاث مراحل متميزة. السنة الأولى، كان بوتفليقة لا يزال رئيسًا، لكنه مريض جدًا: لم يعد يتحدث أو يستقبل الزوار الأجانب. الوضع السياسي الداخلي كان متوترًا للغاية، مع تزايد التكهنات بشأن خلافته.
ثم جاءت فترة 2019 حتى أوائل 2020: سنة صعبة، تميزت بالحراك الشعبي الكبير الذي أدى إلى استقالة بوتفليقة.
وأخيرًا، الفترة الثالثة بدأت مع بداية عهد الرئيس تبون. مرة أخرى، سياق جديد ومعايير جديدة. أما الصحراء الغربية، فبالطبع تحدثنا عنها، لكنها لم تكن قضية مركزية في العلاقات الثنائية أو مصدر صعوبات كبيرة آنذاك. كان الجزائريون يدركون توازن موقفنا.
ولكن، ما الذي يمكن فعله فعليًا للخروج من هذه الأزمة؟ هل لديك بعض الأفكار؟
لا. الوضع مسدود ولا مجال فعلي للمناورة. برأيي، ستستمر الأزمة حتى عام 2027، أي حتى الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة. لا أرى أي مخرج حقيقي قبل ذلك.
هناك ربما سيناريوهان أو ثلاثة — مع أن ما سأقوله الآن أقرب إلى الفرضية أو الخيال السياسي:
السيناريو الأول، الأكثر تشاؤمًا: قد نصل إلى حد قطع العلاقات الدبلوماسية، ربما في 5 يوليو، ذكرى استقلال الجزائر. قد تأمل الجزائر أن تستغل هذا التاريخ وتُظهر صلابة في مواجهة القوة الاستعمارية السابقة. لكن القطيعة، رغم مظهرها الصارم، ستكون لها عواقب سلبية جدًا على النظام الجزائري، الذي قد لا يكون مستعدًا لتحمّل الثمن.
السيناريو الثاني: البحث عن التهدئة، أيضًا في 5 يوليو، عبر عفو عن بوعلام صنصال. لكن حتى في هذا السيناريو، فإن تطبيع العلاقات مع باريس سيكون صعبًا، بالنظر إلى حجم الضرر الذي تسببت فيه الجزائر. ومن العواقب — والتي نادرًا ما تُذكر — أن صورة الجزائر في فرنسا أصبحت سلبية بالكامل. هذا النظام بحاجة فعلًا إلى وكالة علاقات عامة!
الفرضية الثالثة: داخل “النظام” السياسي الجزائري — وهو نظام غير متجانس، بالمناسبة — قد يأتي وقت يُقال فيه للرئيس تبون إنه ذهب بعيدًا، وإنه خلق توترات لا داعي لها، وإن سياسته الخارجية فاشلة. اليوم، الجزائر على خلاف مع المغرب، فرنسا، مالي، النيجر، ليبيا، وحتى الإمارات. والرئيس تبون لم يذهب إلى موسكو في 9 مايو، بينما حضر العديد من القادة الأجانب. وهذا يعكس العزلة المتزايدة التي تعيشها البلاد، والتي يُستهان بها على الأرجح.
وقد تكون هذه الفرضيات الثلاث تراكمية.
في الشهر الماضي، أجرينا مقابلة مع خبير جزائري للحديث عن المشاكل المتراكمة بين فرنسا والجزائر. وقد أشار إلى “دين الذاكرة” الذي يجب على البلدين تسويته لتحسين العلاقات الثنائية. ما رأيك؟
هذا موضوع دائم في الخطاب الرسمي الجزائري: فكرة “دين الذاكرة” باعتباره شرطًا لا غنى عنه لأي تطبيع. لكن في وقت ما، يجب معرفة كيف نطوي الصفحة. لقد تم دفع هذا الدين، إن كان موجودًا أصلًا. الجزائر مستقلة منذ عام 1962 — أي منذ 63 عامًا.
ويجب الإقرار بأن فرنسا، خلال السنوات الأخيرة — خاصة بفضل مبادرات الرئيس ماكرون — قامت بعدد من الخطوات المهمة للاعتراف بالماضي. ومع ذلك، لا تزال الجزائر تطالب بالمزيد من الاعتراف والندم. ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى أن هذه المطالبة بالذاكرة تُشكّل الأساس لشرعية النظام الحالي.
ربما آن الأوان لنقول إن هذا لا يمكن أن يستمر إلى الأبد. يجب أن نطوي الصفحة ونتقدم. انظر إلى فيتنام، التي عانت كثيرًا من الاستعمار الفرنسي: رئيس الجمهورية بدأ جولة في آسيا بزيارة دولة إلى فيتنام، دون الغوص في الماضي.
برأيك، ما الإجراءات الملموسة التي يمكن اتخاذها — بعيدًا عن مسألة “دين الذاكرة” التي تطالب بها الجزائر — لحل أو بدء حل المشاكل المتراكمة في العلاقات الثنائية؟ لنتخيل مثلًا سياق ما بعد 2027، بعد مغادرة إيمانويل ماكرون: ما الذي يمكن فعله؟
مرة أخرى، أعتقد أنه لن يتغير شيء حتى عام 2027. علينا أن ننتظر حتى ذلك الحين لإعادة بناء كاملة لعلاقتنا مع الجزائر. في رأيي، هذا هو الطريق الوحيد. لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو. من الواضح أن السياسة التي يتبعها الوزير بارو والرئيس ماكرون لا تقود إلى أي مكان. كما قلت، قضية الصحراء هي فشل دبلوماسي. في 2027، سيتعين علينا إعادة التفكير تمامًا في علاقتنا مع الجزائر.
لنتخيل أن الجزائريين قالوا لنا: “بما أنكم اعترفتم بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، فسيظل هذا عائقًا دائمًا بيننا”. هل هذا ممكن حقًا؟
لا. لنكن واضحين — هذه القضية انتهت. لا يمكن أن تبقى حجر عثرة دائم في علاقتنا.
اليوم، أصبحت هذه القضية ذريعة، ويجب أن نقول بوضوح إنها انتهت. الجزائر تكاد تكون الدولة الوحيدة التي لا تزال تعترف بالصحراء الغربية وتدعم جبهة البوليساريو. معظم الدول الأخرى تتبع نهجًا براغماتيًا، وتدرك أن المغرب يمارس دبلوماسية نشطة في القارة الإفريقية. العديد من الدول الإفريقية تميل اليوم لصالح المغرب.
وقد عرف المغرب تطورًا اقتصاديًا حقيقيًا. يكفي أن ننظر إلى الخطوط الجوية الملكية المغربية، التي، مثل الخطوط الجوية التركية، تخدم القارة الإفريقية بأكملها. المغرب يُستشهد به كثيرًا كنموذج تنموي: لا يملك غازًا ولا نفطًا، لكنه يعتمد على قطاع زراعي فعّال وقاعدة صناعية متينة — لا سيّما في قطاع السيارات المتقدّم. إذا ذهبت إلى طنجة، ستُدهش من حجم المنطقة الصناعية هناك. كما أن البلاد تملك قطاعًا سياحيًا ديناميكيًا.
أما الجزائر، فقد اختارت نموذجًا تنمويًا مختلفًا. وهذا من حقها، لكنه ليس خطأ فرنسا. حان الوقت للكف عن تحميل فرنسا مسؤولية خيارات وأخطاء تقع بالكامل على عاتق السلطات الجزائرية.
تربط الجزائر علاقات مميزة مع روسيا: هناك صفقات أسلحة واتفاقيات عديدة… وهذا يطرح تساؤلات، لا سيّما في ظل تهديد تصرفات موسكو لأمن أوروبا. ما مدى تأثير هذا التقارب بين الجزائر وموسكو على العلاقات الفرنسية الجزائرية؟
هذا عامل خارجي مهم في العلاقة الثنائية. وقد يعقّد الأمور إذا قررت موسكو استخدام هذه الورقة للضغط على الرئيس ماكرون، المعروف بنشاطه فيما يخص أوكرانيا.
لكن، مرة أخرى، يجب ألا نبالغ في تقدير هذه العلاقة. كما قلت، الجزائر اليوم معزولة دبلوماسيًا. في خلاف مع عدد كبير من الدول، وعلاقاتها مع روسيا ليست استثنائية كما قد يُظن. روسيا بوتين لها أولويات أخرى: أولويتها القصوى هي أوكرانيا، وليس الجزائر.
رأينا أيضًا قبل أشهر أن موسكو لم تتدخل لإنقاذ بشار الأسد في لحظة حرجة. فهل ستتدخل لإنقاذ تبون؟ هذا سؤال فعلي. لا شيء يضمن ذلك.
وبما أننا تحدثنا عن روسيا، ما رأيك في نهج الجزائر في سياستها الخارجية تجاه الولايات المتحدة؟ نعلم أن المغرب لديه علاقات ممتازة مع واشنطن. وإذا وسّعنا المنظور قليلًا، ما هو موقع الجزائر في علاقتها مع القوى الكبرى مثل الصين، الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي؟
الجزائر تتمتع بعلاقات جيدة مع الصين، لكنها تظل تجارية في المقام الأول. الصين حاضرة بقوة في الجزائر من خلال مشاريع بنية تحتية عديدة.
أما من الناحية العسكرية والسياسية، فالجزائر أقرب إلى روسيا، وريثة الاتحاد السوفييتي، التي ترتبط بها منذ الستينيات.
فيما يتعلق بالولايات المتحدة، فالعلاقة أكثر غموضًا. الجزائر في الواقع تخشى الولايات المتحدة، إذ تراها قوة عظمى عالمية: أطلسية، أوروبية، متوسطية، اقتصادية ومالية. هذا الحذر تغذّيه عدة عوامل.
أولًا، الولايات المتحدة حليف استراتيجي لإسرائيل، وهو أمر غير مستحب من منظور الجزائر. ثانيًا، لدى واشنطن أيضًا تحالف قوي مع المغرب. وقد زادت اتفاقيات أبراهام من تعزيز هذا المثلث الأمريكي-الإسرائيلي-المغربي، مما زاد من عزلة الجزائر.
وأخيرًا، تخشى الجزائر من احتمال تغير موقف الولايات المتحدة تجاه جبهة البوليساريو. فإذا قرر رئيس أمريكي مستقبلي — خاصةً إذا كان غير متوقع مثل دونالد ترامب — تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية، على غرار ما حدث مع منظمة التحرير الفلسطينية، فسيكون ذلك ضربة كبيرة للجزائر. وسيشكك في دعمها للحركة، وقد يعقّد علاقاتها الاقتصادية مع واشنطن.
وأخيرًا، أود أن أسألك عن مالي. شهدت مؤخرًا توترات في جنوب الجزائر وشمال مالي. هل يمكنك أن تشرح لنا بإيجاز، لماذا هناك وجود عسكري جزائري كبير في الجنوب؟ وما دور الجزائر في هذه المنطقة بشكل عام؟
الحدود الجنوبية للجزائر شديدة الهشاشة، لأنها تمرّ عبر صحراء شاسعة. هناك 3000 كيلومتر من الصحراء المشتركة مع مالي، ونفس المسافة تقريبًا مع ليبيا والنيجر. بالنسبة للجزائر، فإنها منطقة استراتيجية بامتياز. طالما اعتُبرت مالي الحديقة الخلفية للجزائر، عمقها الجغرافي. ولهذا عملت الجزائر دائمًا على ضمان استقرار مالي. وقد لعبت دورًا مركزيًا في اتفاقيات الجزائر عام 2005 للمصالحة المالية.
لكن اليوم، حصلت قطيعة مع مالي. في سبتمبر الماضي، وخلال جلسة بالأمم المتحدة، وصف وزير الخارجية المالي الممثل الجزائري بـ”المجنون”. وطردت القيادة العسكرية المالية الجزائر. وهذه هي المرة الأولى منذ 1962 التي تتعرض فيها الجزائر لانتكاسة مماثلة على حدودها الجنوبية. وهذا الفشل أكثر أهمية لأن روسيا، عبر مجموعة فاغنر، تدعم اليوم العسكريين الماليين ضد النفوذ الجزائري. وهو ما يوضح تعقيد المشهد الجيوسياسي الحالي في المنطقة.