انتشرت في الفترة الاخيرة بدور النشر المصرية مؤلفات لقيادات انضمت لجماعة الإخوان ثم انشقت عنها بعد ما أفنوا سنوات طويلة بداخلها.
وتلك المؤلفات فيها كشف للمستور عن الجماعة وفيها حديث عن خبايا التنظيم وأسراره، وعقلية التنظيم وكيفية تفكيره وإدارته للأمور.
مؤلفات تكشف طبيعة الصقور والحمائم داخل الجماعة، وأيضا كيف يدير التنظيم أمواله وينفذ أعماله الإرهابية، وكيف يتواصل مع الجهات الخارجية.
وهناك العديد من الأفراد الذين انتموا فى وقت سابق إلى جماعة الإخوان الإرهابية، وقد قاموا بتوثيق تجاربهم داخل هذا التنظيم فى كتب منشورة، وتختلف هذه المؤلفات فى أهميتها بحسب المستوى التنظيمي والقيادي الذي كان يشغله الكاتب داخل الجماعة، فكلما كان موقعه القيادى متقدما، كلما زادت قيمة ما وثّقه من معلومات وأسرار، وأصبح أكثر قدرة على كشف خبايا التنظيم وأبعاده الفكرية والتنظيمية.
تنظيمات مغلقة وممارسات مشينة
ومن بين هذه الكتابات ما يعكس نضجا فكريا واضحا لدى أصحابها، واستيعابا دقيقا للمدارس الفكرية التى تنشط فى الساحة الإسلامية، فضلا عن وعى عميق بتفاصيل وأسرار المشروع التخريبي الذي انخرطت فيه جماعة الإخوان، ومعها جماعات أخرى تتشابه فى الفكر والمنهج.
وأهمية هذه المؤلفات لا تقتصر فقط على توثيق التجربة من الداخل، بل تمتد إلى دورها المحورى فى توعية قطاعات من الشباب لديهم قابلية نفسية واجتماعية لتبنى الفكر المتطرف والتكفيري.
وحول هذا الشأن يقول هشام النجار، الباحث المتخصص فى شؤون الجماعة الإرهابية، أن هذه الكتب تشرح بوضوح ما يدور داخل التنظيمات المغلقة من ممارسات لا تخطر على بال أحد، وتكشف حجم الفساد والانتهازية داخلها، لا سيما بين صفوف القيادات التى لطالما رفعت شعارات دينية لتغطى بها أطماعها فى المال والسلطة.
وأشار النجار إلى أن بعض هذه المؤلفات تناول محورا شديد الأهمية، يتعلق بالانحرافات العقدية والضلالات الفكرية التى يقوم عليها منهج جماعة الإخوان، وكيف أن قادتها باعوا دين الله بثمن بخس، وحرّفوا معاني الآيات، وكتموا البينات والهدى، وسخّروا النصوص الشرعية لخدمة مصالحهم السياسية والمالية، بحثا عن نفوذ وشهرة وسلطة زائلة.
ولفت النجار إلى أن عددا من أبرز القيادات المنشقة عن الجماعة، مثل ثروت الخرباوى وآخرين، قد لعبوا دورا مهما فى فضح هذه الانحرافات، وكشفوا للرأى العام كيف تحولت جماعة الإخوان إلى كيان مغلق لا يعرف من الدين إلا ما يخدم مشروعه الخاص، ولا يتورع عن استخدام الدين ستارا لتحقيق مآربه الدنيوية.
“كنت اخوانيا وأصبحت مصريا”
ومن بين القياديين المنشقين الذين الفوا كتبا وأرخوا تحربتهم مع الجماعة وأفعالها وجرائمها التى ارتكبتها فى حق المصرين والوطن والإنسانية، نجد طارق البشبيشي صاحب كتاب «كنت إخوانيا وأصبحت مصريا.
ويقول طارق البشبيشى انه عمل في أقسام الجماعة المختلفة وخاصة القسم السياسي الذي مكثت فيه ما يقرب من 25 عاما، كان يحاول الإخوان فيها أن يروجوا لفكرهم كونهم جماعة دعوية سلمية تبتغى الحفاظ على الدين، وبالطبع لأنهم شعب يتجه للدين بالفطرة انجذب العديد من الشباب تحت هذا المسمى «الدعوة للدين»، مشيرا إلى أنه هو شخصيا جذبه أحد أفراد الجماعة وهو فى سن الثامنة عشر، حيث كان اعتاد الذهاب إلى المسجد كل يوم، وبسبب إنطوائه سنحت الفرصة للتقرب منه وتجنيده فيما يعرف بالدعوة الفردية.
ويستطرد «البشبيشى»: كل ذلك سقط القناع عنه وظهرت حقيقته جلية بعد أحداث الثورة، حيث ظهر الوجه الحقيقى للجماعة التى حاولت إخفاءه طوال عصر الرئيس السادات والرئيس مبارك، فعاد الإخوان سيرتهم الأولى عندما سنحت الفرصة وانقضوا على الوطن كالضباع المسعورة.
وتابع البشبيشى: رأيت مجموعة من الذئاب البشرية الدموية، لم أصدق نفسي وأنا أرى زملائي وأقراني ينتهجون العنف ويباركونه، بدأت في مجادلتهم، ولكنى كنت أحلق خارج سربهم الشرير.
واستكمل البشيشى: «قررت أن ابتعد رويدا رويدا، وكلما زادت عداوتهم لبلدى زادت عداوتى لهم.. الآن أدركت أنهم أداة خراب لأوطاننا مهمتهم تفكيك الجيوش، وتقسيم الدول، يعملون كوكلاء للدول المعادية لوطننا، كيان خطير وظيفى، يستغل الدين وحب الناس للدين من أجل تدمير المجتمع والجيش والدولة، فهم عرابو الفوضى الهدامة ويكفي أن مكتب التنظيم الدولى الرئيسى للجماعة يقع فى لندن بجوار مكتب رئيس الوزراء.
وأشار طارق البشبيشى إلى أن فكرة الكتب التى تؤرخ لأفعالهم وضلالاتهم وكذبهم مهمة جدا لكن الأهم الفيديوهات القصيرة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى، وكل هذا يحتاج لرعاية من قبل الدولة، لاحتضان من انشقوا عن الجماعة وخرجوا منها وتساعدهم فى نشر أفكارهم لتوعية المجتمع من الجماعة الإخوانية، فالمجهود الفردى والمبعثر تكون نتائجه أقل من المرجو.
وقال البشبيشي انه يحاول قدر الإمكان أن يكتب ويتكلم إبراء لذمته وتكفيرا عن سنوات ضيعها فى الخداع والوهم.
“جماعة الإخوان عقولهم مغيبة كالحشاشين”
وفي الإطار نفسه يقول الدكتور مختار نوح، الكاتب والمحامى والقيادى التاريخى المنشق عن جماعة الإخوان، إن عداء الإخوان للمشايخ والعلماء الذين يختلفون معهم فى الرأى كان عداء شديدا ومتجذرا، لدرجة أنهم كانوا يصلون إلى تكفير بعض العلماء الذين يضعون ضوابط أو قواعد تتعارض مع نهجهم أو تنتقد سلوكيات التنظيم.
وأضاف نوح في كتابه “موسوعة العنف في الحركات الإسلامية المسلحة.. خمسون عاماً من الدم” أن من أبرز الأمثلة على ذلك هو موقف الجماعة من الشيخ محمد الغزالى، حيث كان العداء له مضاعفا، خاصة بعد انفصاله عن «التنظيم الخاص»، وهو الأمر الذي كانت تعتبره الجماعة بمثابة «خروج عن الملة» أو كفرا ضمنيا، يعكس عقلية الجماعة فى رفض كل من يبتعد عن صفوفها أو ينتقدها من الداخل.
وتابع نوح: «تخيلوا أن الغزالى، بكل ما له من قيمة علمية وفكرية، حين كان يزور مصر قادما من الجزائر، لم يكن أحد من الإخوان يدعوه لا إلى لقاء، ولا إلى أسرة تنظيمية، ولا حتى إلى غداء عابر، وكأنهم ألغوه تماما من وعيهم!»
وأشار نوح إلى أن الشيخ يوسف القرضاوى، فى إحدى فترات حياته، كان أيضا خارج التنظيم ورافضا لبعض توجهاته، وكان يُنظر إليه باعتباره خصما، لكن الموقف تغيّر تماما بعد أن استعاد نفوذه داخل الجماعة، حيث تغير موقفها منه كليا.
وتساءل نوح مستنكرا: «كيف يتبدل العقل الجمعى لأفراد الجماعة بهذه السرعة وبهذه الحدة؟ هذا النوع من الانقياد لا يحدث إلا في حالات غياب الوعي الكامل، كما لو أن الشخص واقع تحت تأثير مخدر يفقده القدرة على التفكير الحر أو الحكم المستقل، كأننا أمام حشاش يحتاج إلى من يأخذ بيده ليرشده إلى الطريق، ويشرح له الواقع من جديد».
وأوضح مختار نوح أن الإخوان ينظرون إلى المنشقين عنهم باعتبارهم «أعداء من الدرجة الأولى»، بل إنهم – كما قال – «قد يقابلون خصما فكريا أو سياسيا خارجيا ويدعونه للإسلام ويتسامحون معه، لكنهم لا يمكن أن يلتقوا بمن ترك صفوف الجماعة، خاصة إذا كان من التنظيم الخاص، فهؤلاء بالنسبة لهم خونة يستحقون الإقصاء والنسيان».
واستكمل قائلا: «عندما يدخل أحدهم فى لحظة صدق مع النفس ويستيقظ من غيبوبة الانقياد، يستطيع أن يرى الحقيقة بوضوح. نحن – فى مرحلة سابقة – لم نكن نصدق أن الإخوان قاموا بتفجير منزل السيد فايز، أو أنهم خططوا فعليا لاغتيال عبد الناصر».
وتابع نوح: «كنا نعيش فى حالة إنكار، نكذّب ما حدث لعبد الناصر، وندّعى أن ما جرى له مجرد مسرحية، حتى ضربات الرصاص كنا نعتبرها تمثيلا، لكن الحقيقة لم تكن كذلك. لقد راجعت تفاصيل الحادث بنفسى، وتبين لى أنه لم يكن مجرد شروع فى القتل، بل محاولة قتل مكتملة الأركان، ست رصاصات تم إطلاقها عليه كان يمكنها إنهاء حياته».
كما تطرّق مختار نوح إلى اللقاءات التى أجراها الإعلامى الراحل حمدى قنديل مع عناصر من الإخوان، مشيرا إلى أن قنديل أعلن ندمه على تلك اللقاءات واعتذر عنها عام 2011، لكنه عاد لاحقا وسحب الاعتذار دون أن يعلن عن ذلك بوضوح، وهو ما أثار الالتباس حول موقفه.
وقال نوح: «أنا أحب حمدى قنديل وأحترمه، لكننى الآن أقيم الحدث من الناحية التاريخية، وقد أصبح واضحا أن تلك اللقاءات كشفت الكثير من الحقائق».
وبخصوص محاولات الاغتيال التى نفذتها جماعة الإخوان، قال مختار نوح: «حين استمعنا إلى كل تلك الاعترافات، اكتشفنا أن الأمر حقيقى تماما. طرق الاغتيالات التى ظهرت لاحقا لم تكن جديدة، بل هى تكرار لنفس الأساليب التى سمعنا عنها فى اعترافات مسجلة، منها محاولات قتل شخصيات عامة مثل أم كلثوم وعبد الوهاب، فضلا عن تفجير الكبارى والمنشآت الحيوية».
وأكد نوح أن تلك الاعترافات وردت على لسان قيادات داخل الجماعة خلال لقاءات موثقة أجراها حمدى قنديل، بعضهم كان داخل السجون، وبعضهم كان فى الخارج، وقد تحدثوا بصراحة عن التخطيط والتنفيذ لتلك العمليات.
واستكمل قائلا: «ما حدث تكرر أيضا فى ندوة مع الإعلامى حلمى البلك، حيث اعترف عدد من المعتقلين السابقين بمحاولات اغتيال وتخريب، ومنهم عبد الله السماوي، لكن للأسف لا نعلم سبب اختفاء تلك الحلقات والاعترافات، وكأن هناك من أراد طمس الحقيقة.»
وشبّه مختار نوح جماعة الإخوان الإرهابية بجماعة الحشاشين التى أسسها حسن الصباح، قائلا: «هناك تشابه واضح فى الممارسات، كلاهما يعتمد على تغييب العقل، والتحريض على كراهية الآخر، ورفض الحوار أو الرأى المخالف، ومعاداة كل من ينسحب من داخل المنظومة، خاصة إذا كشف حقيقتها»
الإخوان ومبدأ السمع والطاعة
من جانبه، قال المفكر الإسلامى المنشق عن الإخوان ثروت الخرباوى، في كتابه “سر المعبد”إنه عندما التقى الإخوانية زينب الغزالى قبل خروجه من الإخوان وسألها عن محاولتى اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فقالت له: «خططنا 19 محاولة لاغتيال هذا الشيطان، هذا الصنم، وبدأنا بالفعل فى تنفيذ خطتين فقط، الأولى كانت فى يناير 1954، والمرة الثانية التى تبناها سيد قطب، وكان يتدرب فيها شباب الإخوان حينها على إطلاق الرصاص وكان من بينهم محمد بديع، آخر مرشد للإخوان».
وأوضح الخرباوى، أن من بين الشباب الذين شاركوا فى محاولة الاغتيال هذه محمود عزت، واعترفوا أنهم كانوا يعتزمون حرق القاهرة حتى يستطيعوا إخراج زملائهم من السجون.
وأكد الخرباوى أن الإخوان تتم تربيتهم على مبدأ السمع والطاعة وألا يحكّموا عقولهم فى القبول أو الرفض فيما يخص العمليات التى يجبرون على دخولها وأوقات كثيرة يدخلونها وهم مغيبون.
وشبه المفكر الإسلامى جماعة الإخوان بـ»القمر»، قائلا: «وأنت بعيد عن القمر تراه منيرا وعندما تضع قدميك داخله تجده ظلاما دامسا وتبحث عن النور لكنك لا تجد إلا الجبال والصخور وعندما قرأت رسائل حسن البنا قال فى رسالة المؤتمر الخامس لشباب الإخوان إذا سألوكم من أنتم قولوا إننا جمعية خيرية أو حزب سياسى أو طريقة صوفية أو قولوا لهم نحن الإسلام».
وأضاف الخرباوى أنه عندما قرأ رسائل حسن البنا وظن أن الإخوان هم الإسلام فكانوا يظنون أنهم ليسوا مسلمين لكن طبقة من الإسلاميين فوق المسلمين فأعضاء الإخوان في مرتبة الصحابة، بل هم الصحابة.
وتابع الخرباوى: «كان كل ذلك تمهيدا للسمع والطاعة، وبعد ذلك بيعة عامة ثم بيعة خاصة، والإخوان كانوا ينكرون مسألة البيعة من الأساس، لكن فى الباطن كانوا يروجون لفكرة أن من ليس فى رقبته بيعة مات على الجاهلية، كيف ذلك والله عز وجل اختص لنفسه البيعة واختص بها الرسول عليه الصلاة والسلام، «يبايعون الله يد الله فوق أيديهم»، ولكن الإخوان كانوا يتحدثون عن السمع والطاعة بشكل مطلق».
وأشار الخرباوى إلى أن القائمين على جماعة الإخوان، كانوا يجبرون المنضمين الجدد على ممارسات صعبة كالسير لمسافات طويلة، والذهاب إلى مقابر مدينة نصر قبل صلاة الفجر والوقوف على أحد القبور والدعوة لصاحبه بالرحمة، قائلا: «كنت أركب الأتوبيس وأنظر إلى وجوه الناس وأقول الناس غاب عنها الإسلام وكان هناك معسكرات التدريب على السمع والطاعة وإذا خالف أحد المنضمين توقع عليه عقوبة أن يجرى مسافة معينة أو أن يحرم من الطعام لاختبار الصبر والطاعة».
“عائد من جنة الاخوان”.. الوصايا العشر
ومن الكتب الأخرى التي يتحدث فيها المؤلف عن تجربته مع جماعة الإخوان هو كتاب “عائد من جنة الإخوان”، لصاحبه سامح فايز، حيث عرض فيه تجربته الشخصية داخل الجماعة ثم انشقاقه عنها.
وفي كتابه «العائد من جنة الإخوان» يلقي سامح فايز الضوء على التربية الإخوانية للأطفال، كاشفاً أنه انتمى إلى الجماعة منذ طفولته، وأنها تبث في نفوس أطفالها أنهم الفئة الفائزة يوم القيامة وعندما يكبرون سيعيدون للإسلام مجده. كذلك يبرز الطريقة التي يجذب بها «الإخوان» الأطفال، فيبدأون بدروس تقوية مجانية للمتميزين، يشرف عليها مسؤول يراقب ويرشح من يصلح ليكون عضواً في «الجماعة» وهي الطريقة التي يتبعها حزب «الحرية والعدالة» لتجنيد الأطفال.
ويضيف فايز في الكتاب أنه لم يكن يعلم بأنهم جماعة «الإخوان المسلمين» حتى قرأ الوصايا العشر للإمام حسن البنا في منزل أحد أصدقائه، وبعدها فكر في الخروج، لكنه اعتقد بأنه سيصبح كافراً في حال فعل ذلك، وظل في صراع داخلي مع نفسه حتى قرأ كتباً تنتقد «الإخوان»، فاستنتج أن العلمانيين ليسوا كفرة وأن عبد الناصر ليس زنديقاً كما كان يقال له في دروس الجماعة، فقررالانشقاق عنهم عام 2005.
تطرق فايز إلى الطاعة العمياء التي يتصف بها الإخواني، من هنا العضو الإخواني الذي يسأل كثيراً سينفصل عن الجماعة لأنه لا يحقق مبدأ السمع والطاعة، فيما مبدأ الجماعة يقول: «إن تسأل إذن أنت في ورطة، والأسئلة هي أول طريق الانشقاق»، وإن سألت تصبح عقيدتك معيبة.
عن عالم «الإخوان» يقول انه ثمة أمرين محرمين، يمنع الاقتراب منهما هما: المسيحيون والفتيات، إذ يعتبرونهما نجساً ومن حبائل الشيطان، بعد ذلك بدأ فايز صدامات فكرية مع الجماعة، لأن المرأة ليست نجساً، بالنسبة إليه، باعتبار أن الله خلقها وجعل فطرة للانجذاب إليها، وعندما فكر في العودة إليهم ليحضر الدروس الدينية فقط طلبوا منه قبول الجماعة كفكر وعقيدة، فرفض وقرر تركهم نهائياً عام 2009.
“ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين”
ومن جهته، قال الدكتور عبدالستار المليجي، قيادي منشق عن الجماعة منذ فترة طويلة، في تفسيره للثورة التي أزاحت مرسي وحكم الإخوان: “إن هذه الجماعة ليست إخواناً مسلمين، ولكنهم جماعة من التكفير والهجرة، وما جرى خاصة بعد عزل مرسي من الرئاسة يؤكد أن مصر كان يحكمها امتداد التنظيم السري للإخوان، الذي يعتمد منهجاً حركياً يختلف عن منهج الجماعة، وقد حذر الإمام حسن البنا من هذا التنظيم، وقال عنهم إنهم ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين”.ويرى المليجي أن يوم 30 يونيو تحولت المواجهة ما بين الإخوان والسلطات إلى مواجهة ما بين الإخوان والشعب، ولذلك فهو يعتقد أنه “لن تقوم للإخوان قائمة بعد اليوم”، وبالتالي سيلفظهم المجتمع المصري إلى يوم الدين، حيث أصبحت كلمة “إخوان مسلمين” مرتبطة في أذهان الشعب بالجهل والإرهاب، فإذا كانت الجماعة يطلق عليها في السابق “المحظورة” من قبل السلطات، فإنها الآن أصبحت محظورة بالنسبة للشعب المصري، ولا حياة للتنظيم بعد الآن.
“الإخوان فجوة بين الحق والانتهازية”
وفي كتابها «حكايتي مع الإخوان» تحكي انتصار عبد المنعم تجربتها الذاتية مع االجماعة وكيف تم تجنيدها للانضمام إليها، لتكتشف من ثم الفجوة بين الحق والانتهازية وبين تعاليم الدين الإسلامي وما تطرحه الجماعة، مشيرة إلى استغلال الجماعة لهذه التعاليم لبلوغ أهداف بعيدة عنها كلياً.
تسرد انتصار الأسباب التي دفعتها إلى الابتعاد عن الجماعة، مؤكدة أنها انحازت إلى المنطق العقلي رغم معرفتها بالمضايقات التي يمكن أن تتعرض لها كالتخوين والتشهير وغيرها. كذلك تتحدث في كتابها عن: المرأة في الإسلام والمرأة في الإخوان، نسق المجتمع في المنظور الإخواني ما بين الاختلاط والحجب.
موسم الخروج عن الإخوان
وتجدر الاشارة الى ان الانشقاق عن جماعة الإخوان المسلمين بدا مع النشأة الأولى للتنظيم، وكان الانشقاق الأول للشيخ أحمد السكري، الرجل الثاني الذي شارك حسن البنا تأسيس الجماعة، وتبعته انشقاقات عدة لم تتوقف طوال تاريخ الاخوان.
تلك الانشقاقات تميزت بأنه كان يصحبها صمت في الغالب من العضو المنشق، بالكاد نعرف، لماذا خرج. ربما كتب بضع مقالات في الصحف، لكن لا يحاول العضو الذي خرج من الجماعة تسطير تجربته في كتاب.
تجارب قليلة جداً كتبت ربما في حالتين أو ثلاثة. لكن ما حدث إثر ثورات “الربيع العربي” ميز موسم الخروج عن الإخوان؛ فكل من خرج تقريباً سطر تجربته. وبدأ القارئ في معرفة أسرار كان يجهلها كأنها بالفعل أسرار المعبد.