اسفرت الاشتباكات الأخيرة في ليبيا عن سقوط قتلى وجرحى وخسائر في الممتلكات العامة والخاصة. كما شهد سجن الجديدة في العاصمة طرابلس، فرارا جماعيا بعد أن تمكن عدد كبير من السجناء المحكومين بأحكام مشددة من الهروب، إثر حالة هلع بسبب اشتباكات عنيفة اندلعت أمام بوابات السجن.
وقد أعلن جهاز الشرطة القضائية هروب سجناء خطيرين من سجن الجديدة في طرابلس، «جراء الاشتباكات العنيفة أمام السجن وفي محيطه».
وقال إن حالة من الرعب والفزع سادت بين السجناء جراء الاشتباكات، فيما تمكن عدد كبير منهم من الهروب، اغلبهم من «ذوي الأحكام الكبيرة والقضايا الجنائية الخطيرة».
وحذر الجهاز من «عواقب وخيمة وكارثية» تهدد أمن واستقرار طرابلس وليبيا كافة حال استمرت الاشتباكات.
هروب سجناء خطيرين
وقد تم تداول مقطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي قيل إنه يوثق عملية هروب عدد كبير من نزلاء من سجن الجديدة في ليبيا. وأثيرت تساؤلات وتفاعلات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي عقب الاشتباكات وهروب سجناء يوصفون بالخطيرين من سجن الجديدة. وكتب أحد المتابعين على صفحته الرسمية ويدعى محمد امين “السجناء يسلْحونهم لخلق فوضى أكثر، لأن المليشيات المسلحة في ليبيا منظمة وتتحرك بإيعازات خارجية تحت غطاء السلم والوحدة الوطنية”. وغرّد متابع اخر يدعى محمد: “هروب سجناء من سجن.. كل ما أود أن تفعلوه هو أن تراقبوا الحدود.. هذا ليس هروبا عبثيا.. قد يكون تجنيدا مباشرا.. وأقول قد وأنا مقتنع كل الاقتناع”. وتكما تساءل ثالث يدعى أحمد: “كيف استطاعوا الهروب؟ هل الأبواب لوح؟ وهل تفتح عندما تسمع صوت الرصاص؟”. وناشدت مواطنة اخرى تدعى نسرين المعنيين قائلة: “هدّئوا الأصوات والرصاص.. فحياة الأبرياء في خطر. ليبيا لا تنقصها المزيد من الاشتباكات، بل تحتاج إلى صوت العقل ووحدة الصف”.
امير داعش الارهابي في سجن الجديدة
وحسب مصادر اعلامية ليبية يحتوي سجن الجديدة على أخطر نزيل في المنطقة الغربية وهو أمير داعش في طرابلس رفقة 26 نزيلا آخر من التنظيم الإرهابي. كما أن العدد الكلي لنزلاء تنظيم القاعدة ومجالس شورى درنة وبنغازي يتجاوز 3200 إرهابي. ويذكر جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة التابع لوزارة داخلية حكومة الوحدة الوطنية، كان قد أعلن سابقا عن اعتقال أمير تنظيم داعش في ليبيا هاشم أبو سدرة المكنى بخبيب والمتورط في تسهيل دخول وتمركز الإرهابيين داخل البلاد، وذلك بعد سنوات من اختفائه. وقد تم ذلك خلال عملية أمنية دقيقة، عندما كان يحاول التوجه من منطقة الجنوب إلى العاصمة طرابلس، دون تسجيل خسائر بشرية. وأكد جهاز الردع وقتها انه تمت الإطاحة بكل قيادات التنظيم الإرهابي في ليبيا بين قتيل وسجين، مشيرا إلى أنه سينشر اعترافات المتهم خلال الفترة القريبة المقبلة. وهاشم أبو سدرة هو ليبي الجنسية مطلوب للعدالة منذ سنوات بتهمة التورط في أعمال إرهابية وارتكاب جرائم تمس أمن الدولة، وهو أحد أخطر قادة داعش، وشارك في حرب سرت، ونجح في الخروج من المدينة بعد هزيمة التنظيم أواخر 2016، والاختباء منذ ذلك الوقت.
المسؤول الاول عن قتل الاقباط في مصر
وقبل تعيينه زعيما لتنظيم داعش في ليبيا، كان يشغل خطة “أمير ديوان الهجرة والحدود”، ويعتبر المسؤول الأول عن قتل المصريين الأقباط عام 2015 في مدينة سرت، حيث تولى تجهيز السيارات وتجهيز مكان دفنهم، وهو نشط جدا خاصة في الصحراء الليبية، ومكلّف بتنظيم صفوف الإرهابيين وضمان تنقلهم. يذكر أن وجود تنظيم داعش في ليبيا انحسر في السنوات الأخيرة، بعد قتل واعتقال أغلب قياداته وفرار آخرين إلى الصحراء، ويقتصر نشاطه على خلايا صغيرة ومتفرقة، خصوصاً في المناطق الجبلية والصحراوية البعيدة عن الرقابة الأمنية.
وقد برزت أخيراً مخاوف من إمكانية عودة نشاط التنظيمات الإرهابية إلى الساحة الليبية خاصة أن البلد ما زال يتخبط في مستنقع الصراعات الأمنية والنزاعات السياسية على سدة الحكم، وجميعها عوامل جاذبة للجماعات المتطرفة للانتشار في البلد من جديد مع الأخذ في الاعتبار أن سرت ودرنة كانتا حتى وقت قريب أحد أبرز معاقل تنظيم داعش.
استراتيجية الاختفاء والظهور
ويرى مراقبون أن الجنوب الليبي الغني بالنفط والغاز والرخو أمنياً يبقي أحد أهم المناطق التي ما زالت تسيّل لعاب التنظيمات الإرهابية بخاصة أنها تتمتع بحزام حدودي مشترك مع عدة دول أفريقية تشهد حالياً صراعات مسلحة.
كما ان هروب أمير “داعش” هاشم أبو سدرة من السجن سيفتح شهية العناصر الإرهابية للانتقام بحق أحد أبرز قادتها.
وفي هذا الخصوص قال المستشار العسكري السابق للقائد الأعلى للجيش الليبي عادل عبد الكافي إن أبا سدرة قيادي مهم، ومشرف على تدريب بعض العناصر التي يُطلق عليها “الذئاب المنفردة”، والتي تنفذ عمليات فردية خاصة كتلك التي تعرضت لها مواقع حساسة ومهمة، كما يتولى إدخال الإرهابيين إلى ليبيا وتنظيم تنقلهم بين المدن والقرى.
وتابع: ان داعش ينتهج استراتيجية الاختفاء ثم الظهور، ففي حال وجود تكثيف أمني وعسكري، يختفي عناصره في مجتمعات محلية كمواطنين عاديين، ثم يظهرون في حال وجود تفكك أمني”.
و”داعش عبارة عن أجندة يُدفع بها داخل الدول لزعزعة الأمن واستغلال حالة السيولة الأمنية والعسكرية في الدول التي تعاني من حروب داخلية وعمليات تمرد وانتشار السلاح، وهو الحال في ليبيا”.