تبنت هيئة تحرير الشام التوجه السلفي الجهادي في أيديولوجيتها وباعتراف زعيم جبهه النصره أبي محمد الجولاني بعد فك ارتباط تنظيمه بالتنطيم الأم القاعده بقوله إن أهداف الهيئة في مناطق نفوذه وسيطرته أولوياتها تنحصر في:
العمل على إقامة دين الله وتحكيم شرعه.
تحقيق العدل بين الناس كلهم.
التوحد والاندماج مع الفصائل المعارضة لنظام الأسد.
تحرير أرض الشام والقضاء على النظام وأعوانه.
حمايه الجهاد الشامي والاستمرار فيه واعتماد الوسائل المعينة على ذلك كافة والسعي لخدمة المسلمين والوقوف على شؤونهم وتخفيف معاناتهم وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار والحياة الكريمة لعامة الناس.
ما يهمنا بوصفنا مواطنين نرزخ تحت هيمنته وسيطرته هو الجانب القضائي الذي يحفظ حقوق الناس وينظم حياتهم المعيشيه والتجارية ولنفهم كيف تدار الأمور قضائياً في المناطق المحررة ستكون إدلب وريفها نموذجاً عن موضوعنا.
عمدنا إلى استطلاع آراء أربع شرائح اجتماعية.
بدأنا من المكون الأساس في دار القضاء وهو رئيس المحكمة الشرعيه في ريف إدلب الشيخ أحمد العلوان الذي قال في معرض حديثه للدفاع عن المحاكم الشرعية بأن القرارات التي تصدر عن محاكمهم تنبثق من الكتاب والسنة.
في حين يقول أحد الخبراء القانونيين إن أحكام المحاكم الشرعية الخاصه بالهيئة تتعامل بازدواجية لأنها ليست ذات مرجعية قانونية ثابتة لها. فكل محكمة تصدر حكماً استناداً إلى الشريعه الإسلامية لكن لكل منهم اجتهاده وفهمه لنصوص القرآن والسنة، فلا نستغرب أن دعوى واحدة في منطقتين في إدلب صدر في كل واحدة منهما حكم يخالف الأخرى. وحول هذه المحاكم أيضاً نجد طرفاً ثالثاً يبدي رأيه وهو المحامي يوسف عبيد بقوله: إن هذه المحاكم على الرغم من سلبياتها فهي مفضلة لأنها محكومة برهبة القاضي والشريعة بدلاً من رهبة السلاح وسطوته.
وأما رأي الشريحة الأوسع ومن خلال تجاربها ومعايشتها للواقع يقول أبو محمد متحدثاً عن إحدى تجاربه مع المحاكم الشرعية أنه تعرض للنصب والاحتيال من أحد المهربين في مدينة إدلب بداعي التسفير إلى تركيا بمبلغ وقدره 3000 دولار عن أشخاص عدّة، إلا أنه قبض المبلغ وتوارى عن الأنظار، على الرغم من معرفة أبي محمد بأقارب هذا المحتال بحكم الجوار، نظم ضبطاً نظامياً لدى مخفر الشرطه الإسلامية وخلال عام كامل لم يُلقَ القبض على المدعى عليه بحجه أن النائب العام لا يسمح لهم باقتحام المنزل، وأن القبض عليه يجب أن يكون خارج منزله، ليتبين له لاحقاً عبر أحد العناصر الناقمين على أسلوب القضاء أن المدعى عليه يرتبط بعلاقة وثيقه مع نافذين في الهيئة ويخصص لهم مبالغ مالية شهرية من عائدات عمله والمضحك المبكي في الأمر أن المخفر اقترح عليه اختطاف المدعى عليه بعيداً عن عيون السلطة العليا وإجباره على دفع ما عليه فوافق من دون تردد.
ويقول أحد الشباب من دون خجل أنه اتهم بسرقة دراجة وأنه فعلاً تعرض لإغواء الشيطان ونفذ السرقة ثم ألقي القبض عليه من القوة التنفيذية وفي التحقيق معه أقر بما نسب إليه وأنها المرة الأولى، إلا أن المحقق لم يقتنع بكلامه فداعب جسده بضربات عدّة من كبل نحاسي غليظ فارتفع العدد إلى دراجات نارية عدّة من مختلف مناطق إدلب وريفها، ليحال على القاضي الذي وعده بإخلاء سبيله إذا سدد غرامة السرقة المقدرة بـ 150 دولاراً عن كل دراجة، وبالفعل سدد وأخلي سبيله.
ويقول آخر إنه قدم ادعاءً بحق متحرش جنسي بأحد الفتيات وخلال أسبوع كان المتحرش طليقا بعد أن سدد مبلغ 500 دولار.
من هذه الشهادات كلها ربما يمكننا الوقوف على نتيجة أن القضاء لا يمت بأي صلة إلى كتاب الله وسنة رسوله، وأن الدولار هو صاحب الأحكام. علماً بأن وزير العدل في حكومة الإنقاذ لا يملك أي صلاحية بتعين أي قاضٍ أو نائب أو عزله. إنما الكلمة الأولى والأخيرة لرؤوس الجماعة المقربين من أبي محمد الجولاني، وللمفارقة أن الجرائم كلها قابلة للمساومة والحل إلا ازدراء الجماعة فهي جريمة قد تصل بك إلى إحدى الساحات العامة أو الاختفاء في أحد السجون مثل سجن العقاب وثم يُعثر عليك جثه هامدة على إحدى الطرقات.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.